رسالة جماعية

*بقلم زياد علي درويش
كل عام وأنتم بألف خير أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركة أخوكم فلان الفلاني…!!!!
من منا لم تصله مثل هذه الرسالة والتي يُطلق عليها “رسالة جماعية” عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الأعياد، أو من منا لم تصله رسالة تشبه الرسالة التي بدأت بها في المناسبات وإن اختلف محتواها، فمن الممكن أن تكون رسالة مكتوبة أو صورة تحتوي على صورة ترمز للمناسبة وبعض الكلمات الجميلة مع اسم المرسل وأحياناً مهمته الوظيفية أو رمز للشهادة التي تحملها، مثل “د. / دكتور” أو “م. / مهندس” أو غيرهما.
الحقيقة أن مثل هذه الرسائل التي غالباً ما تصلنا عبر تطبيق “واتس اب” أو “ماسنجر” أو غيرهما، لتعبر عن أطيب تمنيات المُرسِل إلى المرسَل إليه في المناسبات، وكأن مرسلها يريد أن يخبر المرسًل إليه بالمكانة الخاصة التي يحتلها في نفسه، إلا أن مثل هذه الرسالة تحمل حقيقة واحدة فقط وهي أن مرسلها لايزال يحتفظ برقم المُرسَل إليه في هاتفه الجوال، أو أنه لا يزال صديق أو متابع لإحدى صفحات المُرسًل إليه في العالم الافتراضي، وغالباً ما يتجاهل أغلب الناس مثل هذه الرسائل، وأن من يقوم بالرد على مثل هذه الرسائل فيكون رده برسالة مماثلة لا أكثر، كما أفعل أنا شخصياً.
ومن المهم معرفته هنا أن من ابتكر خدمة أو ميزة الرسائل الجماعية عبر مواقع أو تطبيقات التواصل الاجتماعي كان هدفه تسهيل التواصل بين الناس كالزملاء بالعمل أو الدراسة أو غيرهما، لا أن تقوم مقام التواصل المباشر بين أفراد المجتمع الواحد.
وهنا لا يعتبر كلامي رفضاً أو استنكاراً لتطويع التكنولوجيا في التواصل بين الناس، إلا أن من واجبنا جميعاً أن نُحذر من اعتبارها تقوم مقام التواصل الحقيقي أو المباشر، فمن الجميل أن تصلنا رسالة معايدة من قريب أو صديق يقيم في دولة أو مدينة أخرى، أو حتى يقيم في نفس المدينة التي نقيم فيها ولكن لسبب ما لا يستطيع زيارتنا أو استقبالنا إن أردنا زيارته، إلا أنها لا يمكن أن تكون كافية، أو أن يعتبر مرسلها أنه قام بواجبه اتجاهنا، فهي لا تعني ذلك على الإطلاق، وإنما هي كما يُقال شعبياً “رفع عتب” لا أكثر، أما من يريد التواصل مع قريب أو صديق فيمكن أن يزوره مهما كانت هذه الزيارة قصيرة، أو باتصال لدقيقة أو دقيقتين أو حتى برسالة خاصة يُذكر فيها اسم المُرسَل إليه أو لقبه أو قصة مشتركة حدثت بينهما في مثل هذه المناسبة في السنوات الماضية، وبذلك تحقق التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي هدفها الحقيقي في إلغاء المسافات والتعبير وزيادة المحبة، وبس….
*كاتب صحفي
zeaddarwish@hotmail.com